ونستنتج كذلك أن الإيمان إذا كان تعبيرات قلبية فلا بد من أن يظهر لها آثار في عمل الإنسان؛ فإنه لا يمكن أن ينفصل فيه العمل عن الاعتقاد، فهما متلازمان، فالعبد إذا كانت عنده حلاوة الإيمان وطعم الإيمان وبشاشة الإيمان وكمال الإيمان وزينة الإيمان ولباس الإيمان إلى آخر ذلك؛ فهل يمكن أن تكون أعماله منافية ومخالفة لفرائض الإيمان وشرائع الإيمان؟!
والجواب أنه لا يمكن ذلك؛ فهذه مرتبطة بتلك، فالظاهر مرتبط بالباطن، والعلاقة بينهما لا يمكن لها أن تنفصل ولا أن تنفك أبداً، فحلاوته وطعمه وبشاشته لا بد من أن تظهر آثارها، ومنها كما ذكر في الحديث الصبر على الطاعة، وإسباغ الوضوء على المكاره، وتحمل الأذى في ذات الله عز وجل، واليقين بما وعد الله تبارك وتعالى به، وهذه كلها تنتج عن إيمان العبد حقيقة وعن معرفته بالله وعن اليقين الذي يكون في القلب.
وبقدر ما ينقص الإيمان الباطن -أي: بقدر نقصان بشاشة الإيمان أو حلاوة الإيمان أو طعم الإيمان وما أشبه ذلك- يظهر الأثر على الجوارح، فلو أن أحداً ذاق طعم الإيمان على الحقيقة لقام بفرائض الله تعالى على الحقيقة، فالذي يتذوق قراءة القرآن ويجد فيه من اللذة ما لا يمكن أن يجده في قراءة أو سماع أي نشيد أو شعر أو أي شيء مما يلتذ به الناس؛ يكون قد ذاق طعم الإيمان حقيقة، لكن لو أن رجلاً يقول: قد ذقت طعم الإيمان وذقت حلاوة الإيمان، ومع ذلك لا يتذوق ولا يلتذ ولا يشعر بحلاوة قراءة القرآن أو سماع القرآن؛ فإن عمله يكذب قوله.
إذاً فهما متلازمان، ظاهر وباطن، وقول وعمل، واعتقاد وتنفيذ، وبهما تظهر حقيقة الإيمان الشرعي.
وبعض الأمور -كما ذكر الإمام فضيل والإمام هشام - هي كمالات أو مستحبات، لكن بكمالها يكمل الإيمان.